القائمة إغلاق

التمنية الذاتية، حذار من السم في الدسم!

موضوع التنمية البشرية وتطوير الذات والتحفيز اهتممت به منذ بداية الألفين. وقرأت فيه كثيرا باللغات الأربع التي تعلمتها.
وشاهدت الكثير من المحاضرات من خلال الفيديوهات التي تنشر حول هذه المواضيع. وفي هذا الطلاع، التقيت بنظريات أشهر الرواد في المجال.
في البداية، أعجبت بالمحتويات لأنها تطرقت إلى جوانب خفية من حياتنا. وأعترف أن بعضا منها غيرني بشكل ملحوظ.
وطالما تبادلت مع أصدقائي ما كنت أتعلمه، وتأثروا هم أيضا. وأذكر يوما أن أحدهم سألني عن كتاب لأحد أولئك الرواد ليقرأه، فحذرته ممازحا: ” على مسؤوليتك يا محمد، الكتاب قد يجعلك تغادر عملك !”
وفعلا حمل الكتاب جرعة من الشجاعة كان يحتاجها محمد ليقرر ترك العمل والدخول في مسار جديد.
وبعد سنوات أصبحت أحس أنني تمكنت من بعض المفاهيم، وتزامن ذلك مع إصداري المجلة، فبدأت أكتب مقالا مطولا عن هذه المواضيع وأنشره في كل عدد.

لكن في هذه المرحلة حصل شيء جديد، وهو أن قراءاتي تقدمت، واطلاعي ازداد، وبدأت أصطدم مع بعض المفاهيم المدسوسة والتي تناقض قيمنا ومفاهيمنا الإسلامية.
ونالت مقالاتي تلك استحسان القراء والأصدقاء وأبنائهم، خصوصا وأنني اتخذت في كتابتها أسلوبا متميزا، يعتمد على قصص، أشخاصها ومواقفها من بيئتنا المغربية، ويتم توضيح المفهوم واستخلاص النتائج من خلال العبر التي تحملها تلك القصص.
نجاح تلك المقالات جعلني أفكر أن أجمعها في كتاب، وفعلا بدأت في هذا الاتجاه.
لكن في هذه المرحلة حصل شيء جديد، وهو أن قراءاتي تقدمت، واطلاعي ازداد، وبدأت أصطدم مع بعض المفاهيم المدسوسة والتي تناقض قيمنا ومفاهيمنا الإسلامية.
تمنيت لو أني على اطلاع بالعلوم الشرعية لأتمكن من وزن ذلك بالميزان الشرعي، ورفع اللبس.
لكنني لست مطلعا !
فتمنيت لو أنني أتعاون مع أحد مطلع بالعلوم الشرعية، بحيث نأخذ كل المفاهيم ونضعها في الميزان ونأصل لذلك من خلال النصوص، والسيرة النبوية، وحياة الصحابة.
طبعا جمدت فكرة الكتاب لأني خفت أن يحمل بعضا من المفاهيم المأخوذة دون تمحيص.
وأذكر في هذه المرحلة أنني زرت الأستاذ حسن وفي مذكرتي بعض الأسئلة الشائكة التي أجاب عنها جزاه الله خيرا.
اتضح لي بعد ذلك الشرخ الواضح بين مفاهيم التنمية البشرية المتداولة والمفاهيم الإسلامية.
الأولى نابعة من مصدرين:
الغرب الذي يبني كل شيء على المادة والحياة الدنيا ولا شيء سواهما.
الشرق الذي يأخذ من الديانة البوذية وطقوسها ويسقط في بعض الخرافات.
وللإشارة فعالم التنمية وتطوير الذات مليء بالخرافات (مثل الفهم الخاطئ لمفاهيم الطاقة ونحوها…).
الأدهى أني وقعت على فيلم وكتاب يحث على الشرك بطريقة غير مباشرة.
قلت لنفسي، لا بد أن من سبقنا في هذا من المسلمين قد أسس لشيء ينسجم مع قيمنا.
وهنا تفحصت كتابات رائدين في هذا الباب:
الدكتور إبراهيم الفقي، الذي أعجبت بطريقة إلقائه، وتأثيره في الناس وخفة دمه المصرية !
لكن لما قرأت كتبه، لم أجد عنده جديدا من حيث التنظير والتأصيل. كل ما يفعل، هو نقل المفاهيم الغربية للعربية ووضع بعض التوابل المحلية عليها من قبيل: إن شاء الله، وتوكل على ربنا، الخ. لكن الجوهر غربي مادي.
الرائد الثاني عرفني عليه صديقي محمد جزاه الله خيرا، وهو محمد التكريتي.
منذ الكتاب الأول، بل منذ الفصل الأول في الLNP ، لاحظت الفرق. فالرجل يمشي في الطريق الصحيح. ومنذ الخطوة الأولى قرر ألا يمشي في طريق الغرب، ولو كانوا هم المؤسسين. وابتدأ في نهجه منذ التسمية التي أطلق عليها: “الهندسة النفسية” بدل ال NLP.
ووضح المفاهيم الرئيسية من خلال مراجعنا الإسلامية والعربية الجاهلية. فاستشهد بالقرآن والأحاديث، والشعر العربي لتوضيح المفاهيم الجديدة. والحق أنني شعرت براحة في هذا التناول، بل تمكنت من توضيح بعض الأمور التي استعصت علي سابقا.

بالمقابل، أصبحت أكثر حذرا في تلقي المفاهيم الغربية والشرقية، كما قال شاعر البردة، من حيث لم ندر أن السم في الدسم.
قلت لنفسي، لقد آن الأوان لبداية مشروع والاستفادة من خطوات التكريتي التي قد لا تكتمل بسبب سنه.
لكن البحث عن لقمة العيش لا يترك لنا وقتا للتفكير في هذا الباب.
عندي بعض الاجتهادات المحدودة التي أخرجتها لأنها كانت تتعلق بمفاهيم وأمور تهمني بشكل شخصي.
وأتمنى من الله سعة من الوقت والجهد لأتقدم.
وبالمقابل، أصبحت أكثر حذرا في تلقي المفاهيم الغربية والشرقية، كما قال شاعر البردة، من حيث لم ندر أن السم في الدسم.
السي حسن عنده جزء من الأدوات التي تحدثت عنها أعلاه، ولكن الفرصة لم تحن لنجعل تظافر الجهود يصب في المصلحة الهامة، وهي تأصيل المفاهيم من أجل تأسيس المنظومة الفكرية الإسلامية في هذا الباب.

وللحديث بقية…

اترك تعليقاً