قراءة ورش، بالرسم العثماني
أخيرا جاء الطبيب النفساني و الفقيه الذي يجيد النحو و الصرف ليشكل الحكومة انطلاقا من مقاربة جديدة. و مراعاة للخصوصية المغربية، فإن التشكيل سيتم هذه المرة وفق الرسم العثماني.
باشر العثماني مهمته و هو يأمل أن يسعفه ما درسه في الفقه و الطب النفسي فيما لم يوفق فيه سلفه بنكيران، أستاذ الفيزياء. هذا الأخير حاول لمدة خمسة أشهر، أن يحل المعادلة فيزيائيا و يجد التوليفة مراعيا توازن الكتل البرلمانية مع الاحتفاظ بمركز الثقل عند حزبه وسط تجاذب القوى السياسية تحت ضغط داخلي مرتفع.
استطاع الفقيه بسرعة أن يجد الفتوى المناسبة حيث تبين له، من خلال فقه الواقع وفقه الموازنات، أن الاتحاد الاشتراكي له وزن كما له حجم، فضمه إلى الائتلاف الحكومي. و في عجلة من أمرهم وابتهاج بهذا الإنجاز، هرول الجميع إلى المنصة لإعلان الخبر لوسائل الإعلام. و ظهر كاتب الاتحاديين وقد ازَاورت سترته و تنافرت أزرارها. المازحون قالوا إن الزعيم و لشدة فرحته بدخول الحكومة لم يضبط أزراره، لكن العارفين بخبايا السياسة في البلد يعلمون أن أزرار الاتحاد الاشتراكي لم تعد تضبط على لوحة تحكم الحزب في قمرة قيادة الحزب، بل يتم الضغط عليها من غرفة عمليات خارج حي العرعار.
وشرع الفقيه في تلاوة البيان و تحدث عن الإرادة الحازمة في إخراج الحكومة بسرعة. و ابتدأ الجميع يحاول في خاليه رسم ملامح لصورة هذا المخلوق العجيب.
حكومة إسلامية شيوعية يمينية يسارية وسطية محافظة تقدمية، يشكلها حزب التجمع الوطني للاتحاد الاشتراكي لحركة العدالة و التنمية الشعبية الدستورية التقدمية.
الذين ظنوا أنهم يعرفون الفقيه فوجئوا بهذه الفتوى، و لم يتوقعوا أن يتنازل عن المحظورات بهذه السهولة بذريعة وجود الضرورات. لكن الرجل له اجتهاده الخاص إذ يعتبر أن الخروج من الخلاف مستحب كما يرى التابعون. أما أهل العلم من عصرنا فقد كانوا استشرفوا من قبل أن الفقيه الطبيب لا يمكن أن يحيد بفتواه عن المذهب المالكي الحبيب.
المغاربة لم يعد بإمكانهم أن يتوقعوا ما سوف يحدث و لذلك يتحفظون في طريقة قراءة الفقيه للولاية الحكومية. ويمنون النفس، على الأقل مراعاة للخصوصية المغربية، أن يحسن رئيس الحكومة قراءة ورش….ورش الإصلاحات و التطوير و إنعاش الاقتصاد و تحديث الإدارة و تعميم الرعاية الصحية و إصلاح منظومة التعليم….
فهل سيحسن الفقيه قراءة ورش؟ تراه سوف يتقن مخارج الحروف و التحكم في النفس الطويل؟